يهل علينا شهر رمضان ومع إطلالته تزدحم الصحف والمجلات والمساجد والإذاعات
بالأسئلة والأجوبة حول المفطرات من وسائل التداوي والعلاج .
وقد أجمعت الأمة على أنه يجب على الصائم الإمساك عن الطعام والشراب ، ولكن اختلف الفقهاء
في وسائل التداوي المختلفة ، وتباينت الآراء وكثر النقاش حول هذا الموضوع .
ولهذا فقد عقدت المنظمة الإسلامية للعلوم
الطبية بالتعاون مع " منظمة الحسن الثاني للبحوث
الطبية عن رمضان " ندوة في الدار البيضاء في شهر يونيو
1997(صفر 1418 ) لبحث موضوع المفطرات .
كما أخذ مجمع الفقه
الإسلامي في جدة - جزى الله المسؤولين عنه خير الجزاء - على
عاتقه بحث موضوع المفطرات ومناقشته بعمق ودراية ، فعقد
اجتماعا في جدة في الفترة ما بين 28 يونيو - 3 يوليو
1997 ( 23 - 28 صفر 1418 ) وخرج منه بتوصيات محددة .
والصوم الشرعي هو إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب والمعاشرة
الجنسية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لقوله تعالى :
(( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ، وكلوا واشربوا حتى
يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا
الصيام إلى الليل )) البقرة 187 .
وفي الحديث الصحيح
عن الصائم (( يضع طعامه وشهوته من أجلي )) متفق عليه .
ومن إجماع الأمة أن تناول الطعام والشراب ينافي الصوم ويفسده .
وقد
اختلف الفقهاء في تحديد الجوف المقصود بأحكام الصيام
.
والحقيقة أنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة
المطهرة أي نص على الجوف في موضوع الصيام .
ولكن وقع
المتقدمون من الفقهاء - جزاهم الله عنا خير جزاء - في بعض
الالتباسات عندما فسروا " الجوف " بأنه كل ما يسمى جوفا
وإن لم يكن مكان الطعام والشراب .
فاعتبروا الدماغ جوفا
وما هو مكان طعام ولا شراب ، وأن من كان برأسه مأمومة
( إصابة بالدماغ ) ووصل الدواء إلى خريطة الدماغ أفطر
.
واعتبروا الإحليل والمهبل جوفا وما هي
بموضع الطعام والشراب .
والفقهاء في ذلك معذورون ، فلم
تكن هناك دراية كافية بتشريح جسم الإنسان في ذلك الحين .
طرق استعمال الأدوية :
قطرات العين :
ذهب الأحناف والشافعية إلى أن قطرة العين لا تفطر ، حتى ولو وجد
طعمها في حلق الصائم .
وذهب المالكية والحنابلة إلى أن
المكتحل نهارا إذا وجد طعم الكحل في حلقه فسد صومه .
ومن الوجهة التشريحية تنفتح القناة الدمعية التي تخرج من جوف العين
على العين عبر فتحة فيه .
وبالتالي فإن وضع قطرة في العين
تصل إلى الأنف ومنه إلى البلعوم . والحقيقة أن جوف العين
لا يتسع لأكثر من قطرة واحدة فقط .
ولهذا يصف أطباء العين
عادة وضع قطرة واحدة أو قطرتين في العين كل 6 ساعات مثلا .
والكمية التي تصل إلى البلعوم ، إن وصلت ، كمية ضئيلة جدا
.
وهي بلا شك أقل بكثير مما يتبقى في الفم بعد المضمضة
أو مما يدخل في الأنف أثناء الاستنشاق .
وقد أقر الفقهاء
المضمضة أثناء الصيام ولو كانت للتبرد .
ولا بأس بالاستنشاق ما
لم يبالغ . وينبغي أن نشير إلى أن المسواك يحتوي على
ثمان مواد كيميائية تقي الأسنان واللثة مما قد يصيبها
من أمراض .
وهذه المواد تنحل باللعاب وبالتالي تدخل
البلعوم . ولم يحرم المسواك في رمضان أحد من الفقهاء ،
فقد جاء في صحيح البخاري عن عمر بن ربيعة رضي الله عنه (رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد )
قطرات الأنف :
والحقيقة أن قطرات الأنف ليست من باب الطعام
والشراب ولا يقصد منها التغذية ولا التقوية ، وإنما
هي للعلاج الموضعي للأنف ، وينطبق عليها ما ينطبق على قطرة
العين .
وعلى الإنسان أن يحتاط من وصول شيء منها إلى حلقه
قطرات الأذن :
وهي مباحة في النهار للصائم في مذاهب الفقهاء
جميعا ما دامت طبلة الأذن سليمة .
ولا يمكن لأي سائل أو
قطرة توضع في الأذن الخارجية الوصول إلى البلعوم ما لم يكن
غشاء الطبل مثقوبا . وحتى في تلك الحالة فإن كمية قطرة
الأذن التي تصل إلى البلعوم - إن وصلت - كمية ضئيلة جدا .
بخاخ الربو :
وفيه تستنشق مواد تحتوي على أدوية خاصة تستعمل في توسيع القصبات الهوائية
. ورغم أن جزءا ضئيلا جدا من المادة المستنشقة قد
تذهب إلى المريء أو المعدة إلا أن بعض الفقهاء المعاصرين
أباحه . ولكن مجمع الفقه الإسلامي لم يصل فيه إلى قرار .
الحقن العضلية والجلدية :
يتفق الفقهاء على أن الحقن العضلية أو تلك التي تعطى تحت الجلد
لا تفسد الصيام سواء كانت للعلاج أو للتطعيم ( اللقاحات ) .
الحقن الوريدية :
أكثر علماء العصر يفرقون بين حقن الوريد
التي تؤخذ للتداوي فيبيحونها ، وبين تلك التي تؤخذ
للتغذية ( مثل محاليل الجلوكوز وما شابهه ) فيعتبرونها
مفطرة للصائم لأنها يمكن أن تغني عن الطعام والشراب .
الأدهان والمراهم الجلدية :
لا شك أن الأدهان والمراهم واللصقات الجلدية كلها تمتص عن طريق
الجلد ، ولكن ذلك لا علاقة له بالجهاز الهضمي
* * *
قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في جدة خلال الفترة
من 23 - 28 صفر 1418 هـ ( 28 يونيو - 3 يوليو 1997 م ) :
أولا : الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات :
1.
قطرة العين ، أو قطرة الأذن ، أو غسول الأذن ، أو قطرة الأنف ،
أو بخاخ الأنف ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق
2.
الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة
الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
3.ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ،
أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
4.
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
5.
ما يدخل الإحليل ، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى
، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار، أو مادة
ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .
6.
حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، أو السواك وفرشاة
الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
7.
المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي
للفم ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
8.
الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية ،
باستثناء السوائل ( المحاليل ) والحقن المغذية .
9.
غاز الأوكسجين .
10.
غازات التخدير ( البنج ) ما لم
يعط المريض سوائل ( محاليل ) مغذية .
11.
ما يدخل الجسم امتصاصا من الجلد كالدهونات
والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية
المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
12.
إدخال قثطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتطوير
أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
13.
إدخال منظار من خلال جدار البطن
لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
14.
أخذ عينات ( خزعات ) من الكبد أو غيره
من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
15.
منظار المعدة إذا لم يصاحبه
إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى .
16.
دخول أية أداء أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
17.
القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد ( الإستقاءة ) .
ثانيا : ينبغي للطبيب المسلم نصح
المريض بتأجيل مالا يضر تأجيله إلى ما بعد
الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق
ثالثا : تأجيل إصدار قرار في الصور
التالية للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة :
أ- بخاخ الربو ، واستنشاق أبخرة المواد .
ب- الفصد ، والحجامة .
ج- أخذ عينة من الدم المخبري للفحص ،
أو نقل دم من المتبرع به ، أو تلقي الدم المنقول .
د - الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقنا
في الصفاق ( الباريتون ) أو في الكلية الاصطناعية
هـ - ما يدخل الشرج من حقنة شرجية
أو تحاميل ( لبوس ) أو منظار أو إصبع للفحص الطبي .
و - العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيت الصيام من
الليل ، ولم يعط شيئا من السوائل ( المحاليل ) المغذية .
|